سلسلة جوانب مشرقة في جزء تبارك - سورة المرسلات
11- سورة المرسلات
موضوعات السورة : مشاهد من يوم القيامة – عرض لبعض الآيات الدالة على قدرة الله في الكون – جزاء المؤمنين وعذاب الكافرين
واما الجوانب التي اهتمت بها السورة :
أولا : الجانب الاعتقادي
1- يقسم الله بما شاء من مخلوقاته ، ولا يقسم سبحانه وتعالى إلا بعظيم ومما أقسم الله به في أول هذه السورة :
· الرياح بأوصاف مختلفة :" وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا " أي الريح يتبع بعضها بعضا وقوله " فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا " أي الرياح الشديدة التي تدمر الأشياء إذا عصفت بها " وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا، فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا " أي الرياح تفرق بين السحاب وتنشره لينزل المطر.
· القسم بالملائكة في قوله تعالى " فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا" أي الملائكة تلقي الوحي على الأنبياء من رب العالمين ، لينذروا به الناس فلا يكون لهم عذر في الكفر.
2- القيامة حق لا شك في وقوعها وهي من أركان الايمان :" إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ"
وذكرت السورة بعض مشاهد القيامة ، وما يكون من أهوالها " فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ " أي ذهب نورها " وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ " أي تشققت وتصدعت " وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ " أي قلعت من مكانها وتناثرت فصارت هباء متطايرا.
3- يوم القيامة هو يوم الفصل والقضاء بين الرسل وأقوامهم :" وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ" وزيادة في وصف هول ذلك اليوم يقول تعالى :" وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ"
4- قدرة الله على الخلق ، حيث خلق الانسان من نطفة مهينة ، ثم جعلها في قرار مكين وهو الرحم ، ثم قدر لك أيها الجنين أن تلبث فيه قدرا من الزمن حتى يكتمل خلقك وتخرج إلى الدنيا :" أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ " فويل أي الهلاك بعد ذلك لمن كفر بالله الخالق المبدع
5- ثم تتوالى الأيات في ذكر الأدلة على عظيم صنع الله وخلقه :" أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا" أي جعلنا الأرض جامعة لكم أيها الناس ، الأحياء على ظهرها والأموات في بطنها. وقوله تعالى :" وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا" ثم جعلنا الجبال العاليات لتثبت الأرض ، وفجرنا خلالها الأنهار والعيون لتشربوا منها ماء عذبا " وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ " أي لمن كذب بهذه النعم والأيات .
6- وصف مشاهد الآخرة ، وما يكون فيها من جزاء الكافرين والمؤمنين ، أما الكافرون فيقال لهم توبيخا وتقريعا : "انطلقوا إلى ما كنتم تكذبون" أي تكذبون به في الدنيا من عذاب النار،" انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " أي ظل من دخان جهنم قد سطع ثم افترق ثلاث فرق، تكونون فيه حتى يفرغ الحساب، وهذا شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب شُعباً. " لا ظليل ولا يغني من اللهب " وهو لا يُظل من الحر، ولا يرد حر جهنم عنهم، " إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ " وهذه النار ترمي بشرر كالقصر، أي: كالبنيان العظيم في عظمتها، والشرر ما يتطاير من النار متفرقا، كأنه الإبل أو الجمال الصفراء أو السوداء . وعندها لا ينفع الندم او الاعتذار :" هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ "
7- وأما جزاء المتقين ، فيأكلون ويتمتعون قي ظلا ل أشجار الجنة ، يأكلون من ثمارها ويشربون من عيونها ، جزاء لهم على إحسانهم في الدنيا " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ"
ثانيا : الجانب التربوي والأخلاقي
1- الإحسان في العمل ، ليس له جزاء إلا الجنة :" إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "
2- التكذيب والاستكبار عن الحق يؤدي بصاحبه إلى الهاوية وما أكثر ما تكرر في السورة :" وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ " فقد تكررت هذه الأية في السورة تسع مرات ليبتعد المسلم عن هذه الصفة الذميمة
3- بيان الحق وعرض أدلته سبيل لإقامة الحجة على الناس :" عذرا أو نذرا"
4- استخدام البينات والبراهين لتوضيح الفكرة مطلوب في محاورة الناس وبيان الحق
5- استخدام أسلوب الترهيب والترغيب ، والعاقل هو من يقرر أيكون في صف المتقين المنعمين أم الكافرين المعذبين حيث كانت المقابلة في السورة بين نعيم المؤمنين وعذاب الكافرين
ثالثا : الجانب الدعوي والاجتماعي
1- التهديد والوعيد يكون دوما للكافرين المكذبين ، وكم يكون هذا التهديد شديدا حين يكون من الله يوم القيامة :" وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ "
2- سنة الله في إهلاك الظالمين المكذبين قائمة نافذة :" أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ " وهذا سيكون جزاء كل من يسير على خطاهم ويعمل كأعمالهم .
3- أولى بالإنسان أن يتذكر أصل خلقته من ماء مهين ، فلا يطغى أو يتكبر " أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ "
4- الطغاة الذين يكيدون في الأرض ، يكونون عاجزين يوم القيامة ، أن يردوا عن أنفسهم العذاب أو أن يكون لهم كيد :" هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ " بل يقول الله لهم استهزاء وسخرية بهم :" كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ " أي كلوا وتمتعوا كما كنتم في الدنيا فقد فات الأوان.
5- التذكرة تنفع المؤمنين ، وأما المكذبين فلا تنفعهم ، و إلا فأي حديث يؤمنون به بعد القرآن وما فيه من الآيات البينات :" فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ "