سلسلة: جوانب مشرقة في جزء تبارك
4- سورة المعارج
موضوعات السورة : عرض مشاهد القيامة وأحوال الناس فيها – صفات المؤمنين الصادقين الناجين ووعيد الله للكافرين المكذبين يوم القيامة .
واما الجوانب التي اهتمت بها السورة :
أولا : الجانب الاعتقادي
1- تتكلم السورة في أولها عن الملائكة وهم من خلق الله ، وأنهم يصعدون في السماء وينزلون منها بأمرالله :" تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " ومن هنا جاء اسم السورة " المعارج " أي المصاعد إلى أعلى
2- ذكر هول وطول يوم القيامة :" فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ "
3- تسمية جبريل عليه السلام بالروح :" تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ " وكذلك سمى الله وحيه لنبيه محمد أي هذا القرآن روحا :" وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " فجبريل هو الروح ونزل بالروح الذي هو سبب حياة هذه الأمة وعزها .
4- يوم القيامة قريب وليس بعيدا فأعد له العدة من الايمان والعمل الصالح :" إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا " والكفار يرونه بعيدا بسبب غفلتهم بالمتع في هذه الدنيا ، ولما ينتظرهم من سوء المصير فيه فهم لا يحبون وقوعه ولا قربه
5- ذكر مشاهد القيامة وما يكون من أهوالها :
· " يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ " أي المعدن المذاب " وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ" أي الصوف المصبوغ " وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا" أي تتقطع الأوصال والأرحام بين الناس فلا ينفع أحد أحدا .
· مشهد الفداء يوم القيامة ، حيث يود الواحد لو يفتدي نفسه من العذاب بكل أهله وعشيرته بل بكل أهل الأرض
" يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ "
· وصف النار وعذابها :" كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى " أي هي نار تتوقد تنزع الأطراف كجلدة الرأس من حرها ووهجها .
· وفي آخر السورة أيضا جاء بعض هذه المشاهد لينسجم أولها مع آخرها ،
كمشهد البعث والخروج من القبور :" فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ " أي يسرعون إلى أن يجتمعوا في مكان واحد وهو ساحة الحشر
· مشهد الخضوع والذلة أمام الله :" خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ" تقريعا وتوبيخا .
ثانيا : الجانب التربوي والأخلاقي
1- الاستكبار والعناد يمنع صاحبه عن الاقتناع بالحقيقة والاهتداء إليها ، حتى يؤدي به إلى استعجال العذاب :" سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ " وإذا وقع العذاب من الله حينها لا يملك أحد رده ولا دفعه وهو محيق بالكافرين لا محالة :" لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ" فالأولى بالإنسان العاقل الانتفاع بالموعظة والاستعداد للحساب يوم القيامة ، قبل أن يحين الأوان ولا ينفع الندم
2- حاجة المؤمن عموما والداعية الذي يبلغ دعوة الله إلى الصبر بأنواعه ، الصبر على الطاعة والثبات عليها ، والصبر عن المعصية ومنع النفس عنها ، والصبر على المصائب والشدائد في هذه الحياة الدنيا :" فاصبر صبرا جميلا " والصبر الجميل هو الذي لا سخط فيه ولا شكوى .
3- المكذبون والمعرضون عن منهج الله يجمعون المال من أي طريق ولو كان من حرام ولا يبالون بأكل أموال الناس وظلمهم ، وأولئك مصيرهم إلى النار
" تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى " تامل كلمة "تدعو " وكأن النار تنتظره وتستقبله
4- الجشع والطمع من الصفات الذميمة وتأمل قوله تعالى :" وجمع فأوعى " أي لكثرة ما جمع من المال فإنه يجعله في أوعية للحرص عليه وكنزه.
5- من الصفات الفطرية في الإنسان والتي ينبغي عليه أن يهذبها أنه شديد الحرص كثير الجزع اذا أصابه الشر ، كثير المنع والشح إذا أصابه الخير ويستثنى من ذلك المؤمن الذي يجاهد نفسه لتستقيم على منهج الله : إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا "
6- تدعو الآيات إلى جملة من الخصال الصالحة التي هي من صفات المؤمنين وهي :
· المحافظة على الصلاة :" الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ " وتكررت هذه الصفة مرة أخرى في نهاية عرض الصفات أيضا :" وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" وذلك لأهمية الصلاة وأثرها في تزكية النفس .
· أداء الزكاة والصدقات :" وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"
· الايمان باليوم الأخر والإشفاق والخوف من عذاب الله :" وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ"
· حفظ الفرج عن الزنا :" وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ"
· حفظ العهد والأمانة :"وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"
· الشهادة بالحق وعدم قول الزور :" وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ"
ومن اتصف بهذه الصفات كانت الجنة جزاءه :" أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ"
7- المؤمن لا يزكي نفسه وهو على حذر دائما من أن يقع في المحظور الذي يؤدي به إلى عذاب الله :" إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ "
8- النفوس المريضة هي التي تترك ما أحل الله لها من الطيبات وتتجه إلى ما حرم الله من الخبائث وذلك من العدوان المبين :" فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"
9- أصل الإنسان ماء مهين ، ولو تذكر الإنسان ذلك لما طغى وتجبر في الأرض
" كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ"
ثالثا : الجانب الدعوي والاجتماعي
1- المعاندون والمستكبرون عن الحق في تناقض وتذبذب مستمر ، ويقفزون بين كل السبل و الأفكار دون هداية ولا ثبات ،فهم متفرقون ذات اليمين وذات الشمال، ثم يمنون أنفسهم بالنهاية السعيدة لهم ولأتباعهم :" فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ"
2- سنة الله قائمة في أن البقاء للأصلح في هذه الأرض ، فالله لا يعجزه أن يبدل قوما بآخرين خير منهم ، إن لم يقوموا بدورهم في عمارة الأرض
" فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ"
3- أكثر الناس في غفلة في معاشهم على هذه الأرض حتى يفجأهم المصير المحتوم:" فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ"