برنامج مثاني
رمضان 1436هـ
من إصدارت مركز تدبر
الحلقة 29 – الدعوة المجابة
د. عبد الله بن منصور الغفيلي
تفريغ موقع إسلاميات حصريًا
كثير من الناس لربما كان من أعظم حاجاته هي التي يدعو الله بها ويكرر سؤلها الذرية وهي لا شك من نعم الحياة الدنيا وزينتها كما قال تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف: 46] وإن من الصور العظيمة في كتاب الله في سؤال الذرية صورة دعوة زكريا إذ قال الله جلّ وعلا عنه (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾) فيه من الافتقار والإخلاص والإخبات لله ما كان سببًا في إجابة دعوته (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) فإنه والحالة هذه مفتقر أشد الافتقار منكسر أعظم الإنكسار بين يدي العزيز الجبار وهو مع ذلك يحسن الظن بربه قد امتلأ قلبه يقينا به (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) إني أعلم حالي ما هي أنك مجيب سؤلي محققٌ طلبي (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) همّي ليس مجرد الولد وإنما همّي من يحمل الدعوة بعدي (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴿٥﴾) لي مجرد ولد بل ولي صالح يقوم بحق هذه الدعوة (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ) فيحمل الولاية والنبوة (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) راضيا عنه، يرضى عنه الناس فكان الجواب بعد هذا الأدب والافتقار (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴿٧﴾).