وقفات تدبرية فى وصايا لقمان الحكيم ( 1 )
د. أنس محمد رمضان
[ وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الحِكْمَةَ ] ،
قد يخفى عليك وجه اتصال هذه الآية بما سبقها ،
ولكنك إذا أعطيتها قسطاً من التأمل أدركت أن الثانية من
الأولى بسبب متين ،
ذاك أن الآية الأولى سبقت للتدليل على وحدانيته تعالى وانفراده بوجوب الوجود واستحقاق العبادة ، وأن ذلك من الوضوح وظهور الدلائل بمنزلة
لا تسمح لنفس أن تتردد فيه ،
والآية الثانية لبيان أن من أهل الفطر السليمة من عقل ذلك ،
وهداه نظره السليم وعقله الحكيم إلى الاعتراف بوحدانية العزيز الحكيم ،
بل الشكر له على ما غمره به من نِعم لا يد فيها لغيره ،
أي : فالذي أدعوكم إليه ليس بدعاً من الأمر بل قبلكم من اهتدى إليه
بفطرته ، وعمل على مقتضاه بحكمته .
فقوله - سبحانه - : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة } كلام مستانف مسوق
لإِبطال الإِشراك بالله - تعالى - عن طرق النقل ، بعد بيان إبطال عن
طريق العقل ، فى قوله - سبحانه - قبل ذلك :
( هذا خَلْقُ الله فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الذين مِن دُونِهِ ) .